الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

الجهود السنية في الشعر النبطي القطري ج2

           الجهود السَّنِيَّة في الشعر النبطي القطري (2) بقلم نورة حمد
استكمالا للمقالة السابقة[1]، نواصل عرض الجهود التي عنيت بالشعر النبطي في قطر، وستتناول هذه المقالة جهود الإعلام بوسائلها المتعددة ، كما سنعرج على جهود المراكز الثقافية

ثانيا : وسائل الإعلام :سنعرض هنا لوسائل الإعلام المعروفة الإذاعة ، والتلفزة ، والصحف والمجلات .
أ- البرامج الإذاعية والمتلفزة :
   اهتمت دولة قطر بتراثها الشعبي، وأعدت برامج من خلال الإذاعة والتلفاز، واختصت كثير من برامجها بالشعر النبطي، من خلال استضافة شعراء، أو الاستماع لأشعارهم، أو تقديم تقارير، وحلقات حول الشعراء، أو تقديم قصائد نبطية لشعراء قطر القدامى والمحدثين.
     كان هناك نوعان من البرامج: برامج اختصت بتقديم الشعر النبطي وشعرائه، والنوع الثاني: كانت تراثية الطابع، وتقدم في جزء من حلقات برامجها شاعرا أو قصائد، كما أن الاهتمام بالشعر النبطي، والتراث الشعبي عامة، كان توجها ملموسا في برامج الإذاعة والتلفاز، فبلغ الشأن بهذا الاهتمام ألّا يكون قاصرا على تراث قطر وشعرها، بل هناك برامج غطت التراث والشعر الشعبي في منطقة الخليج العربي.
   من البرامج الإذاعية التي تناولت الشعر النبطي: برنامج ركن البادية سنة 1968 م ، وبرنامج صفحات من الماضي ،وبرنامج شاعر وربابة في إذاعة قطر ، وقدمها الشاعر عبدالله الغالي المري ، في حين قدم الشاعر حمد بن محسن النعيمي برامج إذاعية منذ 1972م أيضا منها : ركن البادية مع عبدالله الغالي ، وقدم كذلك "فنون من البادية ، شاعرات من البادية ، من عيون الشعر النبطي ، مساجلات من الشعر النبطي ، البادية في رمضان ، قوافي وأنغام شعبية [2]، وشاركه حمد بن فطيس المري في برنامج أثير القصائد ،أما برنامج فيض المشاعر فهو من إعداد الشاعر والإعلامي عادل عبدالله في إذاعة صوت الخليج . وملاحظ عليها أنها برامج اختصت بالشعر النبطي باستضافة الشعراء ، أو الاستماع إلى أشعارهم . وهذه البرامج استمرت لسنوات طويلة ، وعلى مراحل ، فكانت تنقطع مدة قصيرة ،ثم تعود. ومن البرامج الإذاعية أيضا ما قدمه الشاعر خالد البوعنين وهي : صدى الوجدان ، وأوتار القصيد ، وأطياف[3].ولا تخلو خطة البرامج في الإذاعة من برامج مختصة بالتراث الشعبي وخاصة الشعر النبطي.
   قدّم تلفاز دولة قطر كذلك العديد من البرامج التي اهتمت بالشعر النبطي والشعراء . وكما قلنا كان منها ما هو مختص بالشعر النبطي ، ومنها ما كان الشعر جزءا من حلقات برامجه التراثية . وهذا يدل على مكانة الشعر التي لا تفارق وجدان الشعب وتراثه.
   من البرامج التي قدمها تلفاز قطر : برنامج مجالس الشعراء ،وقدّمه المرحوم الشاعر ناصر بن مهدي الدوسري ، واستمرّ تقديمه لمدة طويلة " امتدت من بداية بث التلفزيون القطري في سبعينيات القرن المنصرم ،وحتى وفاة الشاعر "[4]. قدم الشاعر عبدالله الغالي المري برنامج صفحات من الماضي ، ويشمل التراث الشعبي ومنه الشعر النبطي ، وقدّم الشاعر حمد بن محسن النعيمي برامج كثيرة أيضا منها : " ركن البادية ، ومن الشعر النبطي ، ومن شعراء الخليج ،و من الأدب والفن الشعبي ، ومن التراث ، الكاميرا كانت هناك ، وشعراء من أعماق الوطن ، وجولة في أعماق الوطن "[5]. وله برنامج بحور القوافي ، وقدّم الشاعر فالح العجلان الهاجري برنامجه دوحة الشعر ، وفي عام 2008م قدّم الشاعر والإعلامي حسن المهندي برنامج درب الليوان، والذي ساهم في تقديم مسابقة شعرية بين الشعراء الشباب. كما قدّم تلفزيون قناة الريان - أحد القنوات الفضائية الجديدة في قطر – برامج مثل : برنامج رمعة  وهو يختص بالألغاز الشعرية  الشعبية واستمر من الأعوام (2012م -2015م)، وكان يستضيف أحد الشعراء من قطر أو الخليج العربي ، ويقدم فقرة قصيدة ، وتغنى كذلك إحدى القصائد على آلة الربابة وهو من تقديم المذيع سالم بن ثامر، كما قدّم المذيع نفسه برنامجين آخريْن في القناة نفسها هما : بحور الشعر عام 2016، وبرنامج قصائد – برنامج خاص بمناسبة اليوم الوطني القطري ،قدّم في عام 2016 . وبرنامج جزالة قُدِّم في بين عامي 2012م -2014 م ، وهو برنامج قدّم لشعراء  قدامى وشباب من قطر والخليج  كبارا ،وشبابا ،حيث يتحدث الشاعر فيه عن سيرته الشخصية، وحياته الشعرية ، ويلقي أشعارا له. ومن أشهر حلقاته حلقة الشاعر مبارك بن سعيد بن شحيمان الهاجري ، والتي كانت قبل مدة ليست بطويلة عن وفاة .وبرنامج نوادر شعبية من تقديم الشاعر حمد بن محسن النعيمي وكان برنامجه عبارة عن : تقديم لغز شعبي ، وقصة شعبية، وعرض لديوان شاعر ، وإعادة عرض للقاء قديم مع أحد الرواة أو الشعراء في الغالب.
ب- الصحف والمجلات :
   شكلت الصحافة الخليجية عاملا مهما في نشر القصائد النبطية من خلال صفحات شعبية ضمن جرائدها اليومية منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن ، وكانت تلقى قبولا كبيرا عند الشعراء والمتلقين على حد السواء، و" أول مجلة تخصص صفحات للشعر النبطي هي مجلة عالم الفن الكويتية سنة1973م ، وأول جريدة خصصت صفحة كاملة للشعر النبطي هي جريدة السياسة الكويتية "[6].
    كان لقطر ولازال صحافتها التي عنيت بهذا الموروث الشعبي ، الذي ظلّ يعبر عن وجدان الشعب ،وحياته وآلامه ، وآماله ، فكانت الصحف منذ نشأتها تولي هذا الشعر اهتمامها ، من خلال صفحة شعبية خاصة ،والتي بدأت بمجلة العهد ، ومجلة الخليج الجديد القطريتين .من أشهر الذين أشرفوا على هذه الصفحات الأستاذ محمد إبراهيم الشاعر، و الشاعر عبدالله الغالي المري، والشاعر حمد بن محسن النعيمي ، حيث أشرف الأخير على الصفحة الشعبية في أكثر من جريدة قطرية منها الشرق والراية ، وهناك الشاعر فالح العجلان الهاجري [7] الذي أشرف على صفحة دوحة الشعر في جريدة الوطن ،وأشرف الشاعر جاسم محمد همام على ملحق( قصائد) ، وزميله الشاعر عبدالله مرسل على ملحق قوافي في جريدة الراية في بداية هذه الألفية الثانية الميلادية. ومن بعض عناوين هذه الصفحات في سنة16 20م، الأسماء التالية :
- صفحة (واحة الشعر) ، جريدة الشرق القطرية ، يديرها الشاعر حمد بن محسن النعيمي[8]، وله أيضا صفحة (قطوف تراثية) في الجريدة نفسها وتوقفت أيضا .
-صفحة (منتدى الشعراء) ، جريدة الوطن القطرية ، يديرها الشاعر الشاب  جابر بن حوبان المري .
- صفحة (ملفى القصيد) ، جريدة العرب القطرية ، يديرها الشاعر الشاب محمد راشد المناعي .
  ومن الملاحق التي عنيت بالشعر النبطي كذلك  ملحق مزون ،وهو من إصدار جريدة الشرق القطرية ، وأدار الملحق الشاعر راضي الهاجري.
    المجلات القطرية التي اهتمت بتقديم الشعر النبطي شعرا وشعراء ، ومقالات ، وتقارير ، هما مجلتا بروق ، و الريان ، وكلاهما مجلتان أدبيتان ثقافيتان عامتان ، ولكنها تُولي الشعر النبطي والتراث الشعبي عناية خاصة في صفحاتهما. فمجلة بروق أٌصْدِرت عام  2003 م ، ومجلة الريان  أُصدِرت عام  2008م ،وهناك مقال شبه دوري للأستاذ محمد  يعقوب اليوسف في مجلة الريان بعنوان قراءة في قصيدة ، ويتناول فيها إحدى القصائد بالتحليل ولكن غالبا ما يكون تحليله قائما على شرح ووصف لأبيات القصيدة ، دون تعمق.
ثالثا- المؤسسات الثقافية :
1-وزارة الثقافة والرياضة: أشرفت وزارة الثقافة القطرية على إصدار مجموعة من الدواوين، حيث قامت وحدة التوثيق والتحقيق في قسم الدراسات والبحوث، على إنجاز العديد من الدواوين منها: ديوان ابن فرحان عام 1980م ،وديوان آل عفيشة عام1990م ديوان الكبيسي ، ديوان ابن سبيت عام 1993، ديوان خالد بن معجب الهاجري1995م، والديوان الشعبي عام 2005م، وديوان صالح بن سلطان الكواري عام 2013م.وضمن مهرجان الدوحة الثقافي الذي كانت تقيمه الوزارة أنجزت بعض المطبوعات منها مختارات ابن عفيشة عام 2008م .
    اهتمت وزارة الثقافة عبر مراكزها الشبابية بالاحتفاء بالشعر النبطي من خلال أمسيات شعرية ، أو ندوات . وهذه المراكز تتوزع جغرافيا على مناطق الدولة.
     أنشأت الوزارة نفسها مركزا للشعر أسمته ديوان العرب في شهر سبتمبر عام 2016 ، وأول مشاركاته الخارجية ، كانت في مهرجان الجنادرية الحادي والثلاثين في المملكة العربية السعودية عام 2017م. أما حفل تدشين هذا المركز فكان في نهاية شهر مارس من العام نفسه.
     قدّمت الوزارة الشعر النبطي القطري خارج الدولة من خلال المؤتمرات والمهرجانات المختلفة في الدول الخليجية والعربية ضمن التعاون من خلال بحوث باحثيها ، وأمسيات شعرية لشعرائها في تلك المحافل.
2-مجلس الشعر  : أحد مراكز  الحي الثقافي (كتارا )، والذي أنشئ في بدايات هذه الألفية الثانية "يسعى مجلس الشعر من خلال رسالته إلى النهوض والارتقاء بالحركة الشعرية في قطر وذلك من خلال نشر الوعي بالشعر والاهتمام به وبالشعراء واكتشاف ودعم المواهب الشعرية"[9].
     يقدم مجلس الشعر العديد من الفعاليات والأنشطة المتنوعة التي يقوم بها على مدار السنة مثل الأمسيات الشعرية التي قدمت على مسرح كتارا ، وفي إسباير . إلى جانب عقد ندوات ثقافية في مقر المجلس مثل :ندوة (ليش غايب) عام 2013م، وفي عام 2014م أقيمت ثلاث ندوات بمناسبة اليوم العالمي للشعر وهي : ندوة عزوف الجمهور عن حضور الأمسيات الشعرية ، وندوة دور الشعر في خدمة المجتمع ، والندوة الثالثة خُصِّصت للشاعرة القطرية ومناقشة تحدياتها[10]  ، وندوة (الشعر والمقناص) عام 2015 م، ندوة (شاعر العرضة )عام 2016 م بمناسبة اليوم العالمي للشعر . وندوة (نجم سهيل ) 2016م وندوة ( الحركة الشعرية النسائية في قطر ) عام 2017 ،ولكن يلحظ على هذه الندوات أن حضورها يقتصر على الشعراء ، وليست ندوات عامة في الغالب، كما كان للمجلس زيارات وتكريم لشعراء عبر زيارة الشعراء في مجالسهم الخاصة مثل زيارة الشاعر مسفر الدواس الحبابي ،وأيضا "يشارك المجلس في العديد من المناسبات الاجتماعية والوطنية حيث يشرف على العديد من الفعاليات ومن أهمها: فعالية عد القصيد والتي تقام ضمن فعاليات اليوم الوطني للدولة"[11].واستضاف المجلس شعراء من دول الخليج ، وأشرف على أمسيات شاركوا بها شعراء قطر سواء لشعر النظم أو شعر المحاورة . 
    هذه أهم الجهود التي قُدِّمت لخدمة الشعر النبطي في قطر ، حيث اهتمت بتقديم الشعراء الفحول كما كان في برامج الشعر الإذاعية والمتلفزة ولاسيما في  مرحلة السبعينيات حتى التسعينيات في القرن العشرين الميلادي ، وكذلك كان دور الصحافة إذ اعتنت بتقديم نماذج شعرية أصيلة ، كما شجّعت الشعراء الشباب على تقديم إبداعاتهم الشعرية، بل وأعطت الفرصة لهم للإشراف على تلك الصفحات ، ومع التقدم العلمي في وسائل الإعلام ، صارت الوسائل متعددة ومتنوعة ، مما فتح المجال لدخول الكثير من الشعراء ، وإبرازهم ، كما كان للمراكز الثقافية دور في تحريك الساحة الشعرية وتنوع التناول فيها ،من خلال الأمسيات ، والندوات وغيرها. نلتقي مع الجزء الثالث ...



[1] نشرت المقالة الأولى في مجلة بروق ، ع146.يونيو 2017.ص ص 73-75
[2] الفياض ، عبدالله : "الجهود السنية في جمع المأثورات الشعبية القطرية ".مجلة المأثورات الشعبية .وزارة الثقافة والفنون والتراث. الدوحة.قطرع75.يوليو2011م . ص 84
[3] لقاء مع الشاعر خالد البوعنين .مجلة الريان http://www.alrayyanmagazine.qa/awzan/Pages/ تاريخ الدخول الخميس 23 فبراير 2017م
[4] الفياض ، عبدالله : "الجهود السنية في جمع المأثورات الشعبية القطرية ".مجلة المأثورات. ص 83
[5] المرجع نفسه ، الصفحة نفسها .
[6] السعيد، طلال: الشعر النبطي أصوله-فنونه- تطوره. منشورات ذات السلاسل. الكويت. الكويت .د.ط 1981 م، ص 117
[7] للاستزادة حول موضوع الصحافة الشعبية ، ينظر : " الساحة الشعبية القطرية" .موقع وكالة أنباء الشعر . http://alapn.com/ar/news.php?cat=11&id=2376 . تاريخ الدخول الاثنين 13 فبراير 2017
[8] توقفت هذه الصفحة ، وكان عددها الأخير في شهر ديسمبر من العام 2016 م.
[9] موقع مجلس الشعر على الشبكة العنكبوتية : http://www.katara.net/ar/Communities/poet-majles . تاريخ الدخول السبت 11 فبراير 2017
[11] موقع مجلس الشعر ، مرجع سابق .